2018-10-30

كسوة الشتاء من الضروريات التي يجب تأمينها مع بداية هذا الفصل المليء بالأعباء والمتطلبات حيث تحول التسوق من متعة إلى ‏عبء على المواطنين وخاصة ذوي الدخل المحدود الذين قد يعدلون عن فكرة الشراء لمجرد معرفة الأسعار الصادمة‎.‎
وفي جولة لفريق سانا على بعض المحال التجارية تبين أنه ومع بداية فصل الشتاء وصل سعر الجاكيت في سوق شعبي إلى بين20 ‏و30 ألف ليرة سورية والبيجامات ذات النوع الرديء بين 10 و20 ألف ليرة أما الانواع الجيدة فيصل سعرها إلى 25 ألفاً وما فوق ‏بينما تراوحت أسعار الكنزات بين 7 و 8 آلاف ليرة ووصل سعر الكنزة القطنية من الموسم الماضي وبعد التنزيلات إلى 5000 ‏آلاف ليرة‎.‎
أسعار الأحذية الشتوية تجاوزت في بعض المحلات وسط شارع الحمرا والشعلان 35 ألف ليرة أي ما يفوق الدخل الشهري للموظف ‏وهو ما يجعل المواطن يصاب بالذهول وسط تلك الأسواق المشتعلة بالغلاء والسؤال هنا هل تستطيع معظم العائلات السورية شراء ‏كسوة الشتاء لأبنائها؟
بعض المواطنين الذين التقتهم كاميرا سانا في الأسواق الشعبية والمرموقة اعتبروا أن هذه الأسعار خيالية قياساً بمستويات الدخول ‏الشهرية مؤكدين أنهم ورغم وجود تنزيلات في بعض المحلات ومن ضمنها محلات الماركات العالمية كأسواق “الحمرا والشعلان ‏والصالحية‎” ‎غير قادرين على الشراء حيث وصلت أسعار الملابس إلى مستويات خيالية رغم عروض التخفيضات التي وصلت إلى ‏بين 50 و70 بالمئة إضافة إلى إطلاق عروض تنزيلات على موديلات الموسم الماضي بتخفيض يصل إلى ما بين  80 و 90 بالمئة‎.‎
بعض الباعة وصفوا الإقبال على الشراء بـ ‏‎“‎الضعيف جداً” نظراً لارتفاع الأسعار والحركة التجارية في الأسواق اضعف مقارنة ‏بالموسم الفائت على الرغم من أن أسعار هذا الموسم أخفض من سابقه مشيرين إلى أن نسبة كبيرة من المواطنين لم تعد لديها القدرة ‏الكافية لإكساء كامل أفراد عائلتها في ظل هذا الارتفاع لذا تلجأ العائلة إلى تقنين شراء الألبسة حيث تقوم بشرائها بشكل دوري لكل ‏فرد من الأفراد‎.‎
محمود قباني صاحب محل ألبسة نسائية في سوق عاصم بنهر عيشة أكد أنه وعلى الرغم من أن السوق شعبي إلا أن الأسعار بالنسبة ‏لذوي الدخل المحدود مرتفعة جداً مشيراً إلى أن الإقبال دون المأمول وأحياناً يكون معدوماً‎.‎
هدى ربة منزل اعتبرت أن الأسعار فاقت التوقعات بالنسبة للعائلات المحدودة الدخل مدللة على ذلك بأن سعر الجاكيت يصل لـ 20 ‏ألف ليرة، ولدى سؤال عدد من المتسوقين عن رأيهم بتفاوت الأسعار بين السوق المتواجدين فيه وبين الأسواق المرموقة قالوا: ‏‏“الأسواق هنا لا تقارن بتلك وفي الحالين هي لا تناسب ذوي الدخل الضعيف والمحدود‎”.‎
وتزامناً مع موسم التنزيلات الموسمية على الملابس الشتوية بدأت المحال التجارية في سوق الحمرا وسط دمشق بتخفيض أسعار ‏السلع في محاولة منها لكسب الزبائن وتصريف الفائض من البضاعة التي تكدست ولكن رغم التخفيضات تبقى غالية وغير مناسبة ‏للعائلة السورية بحسب عدد من المارة‎.‎
سيرين الهاجري صبية في العشرينيات من العمر تتسوق في شارع الحمرا أوضحت أن أغلب المواطنين السوريين يصعب عليهم ‏التسوق مع بداية الموسم الشتوي من هذه الأسواق وكسوة أبنائهم بشكل كامل لأنهم لن يتمكنوا من دفع هذه المبالغ‎.‎
فيما لفتت وداد علي إلى أن الأسعار نوعاً ما مناسبة لأن الأسواق حالياً تحتوي على البضائع الغالية والتي لها زبائنها مثل “أسواق ‏الحمرا والشعلان” وتوجد الأسعار المناسبة لذوي الدخل المحدود ولها زبائنها أيضاً مثل “سوق الحميدية والأسواق الشعبية الأخرى” ‏فيما لفت مجد طالب جامعي إلى أنه اشترى جاكيتاً واحداً في بداية الموسم مبيناً أن الطالب الجامعي مصاريفه عالية ويعجز عن شراء ‏أكثر من بدل للشتاء لذلك يكتفي بجاكيت واحد يقيه برد الشتاء‎.‎
بدورها قالت الشابة رونا: “أنا موظفة وغير متزوجة وليس لدي أي التزامات كغيري ولكن لم أستطع شراء كامل تجهيزات الشتاء ‏من الألبسة بسبب الأسعار المرتفعة‎”.‎
ومع الارتفاع الكبير الذي طرأ على أسعار الألبسة الشتوية في المحال التجارية باتت البسطات ومحال البالة الملاذ الوحيد للكثير من ‏المواطنين حيث إنها تتميز بشكل عام بأسعارها الشعبية المشجعة إضافة إلى ما تحويه من بضائع ذات جودة ونوعية جيدة فمجمل ‏البضائع الموجودة على البسطات تحضر من المحلات التجارية المجاورة لها وتباع بأسعار أقل ب 50 بالمئة من أسعارها الأصلية ‏ويكمن السبب في ذلك كون صاحب البسطة لا يدفع أي رسوم إضافية أو ضرائب كأصحاب المحلات التجارية إضافة إلى أن صاحب ‏البسطة يرضى بأرباح أقل مقابل بيع كميات أكبر حسب ما أكده سامر صاحب بسطة ألبسة في سوق نهر عيشة‎.‎
وعلى الرغم من أن الملابس المستعملة ‏‎“‎البالات” بمختلف أشكالها وألوانها لم تستطع الهروب من غلاء الأسعار لكن لا يمكن ‏مقارنتها بالأسعار الجنونية التي تشهدها الأسواق وتسجل إقبالاً كبيراً من قبل المواطنين عليها لتلبية احتياجاتهم بأقل الأسعار وحتى ‏ميسوري الحال باتوا يقصدون البالة‎.‎
وأوضح عدنان محمد صاحب محل بالة في سوق عاصم أن أسعار الألبسة الشتوية لديه بالنسبة للمنطقة الشعبية المتواجد فيها موائمة ‏لسكانها لافتاً إلى أن محال ألبسة البالة تعتبر البديل الحقيقي للمواطنين ذوي الدخل المحدود ولا سيما أنها تتميز بجودتها ونوعيتها قائلاً ‏‎“‎أصبحت البالة هي الملاذ الوحيد لذوي الدخل المحدود لما يوجد فيها من ملابس رخيصة إلى حد ما وتناسب جميع الأذواق وتراعي ‏أوضاعهم مقارنة بأسعار المحال التي تعدت أسعارها قدرة متوسطي الدخل‎”.‎
وخلال تجوال فريق سانا في الأسواق لاحظنا وجود دوريات لمديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك تعمل على التأكد من مصادر ‏البضاعة والالتزام بالفاتورة والأسعار المحددة ولدى سؤال عناصر إحدى الدوريات في سوق نهر عيشة عن الأسعار وارتفاعها طلب ‏عدم الكشف عن هويته واكتفى بالقول أن التكلفة تتحكم بالسعر لكن هناك بعض التجار الذين يبالغون في رفع أسعارهم ودورنا ‏ضبطهم وتطبيق القانون‎.‎
ويبقى المواطن السوري حائراً بين تأمين الكسوة الشتوية لأفراد أسرته وتأمين حاجياته الأخرى من آجار المنزل وتأمين مونة الشتاء ‏والمستلزمات المدرسية وغيرها من الالتزامات‎.‎