2018-11-26
كان إعادة إفتتاح معبر نصيب الحدودي مع الأردن يوم الخامس عشر من شهر تشرين الأول عام 2018  حدثا هاما في المنطقة وذلك بعد ثلاث سنوات  عجاف من قيام الإرهابيون المجرمون من إقتحام هذا المعبر الهام وإغلاقه تماما من كلا الإتجاهين و وقطع شريان حيوي مهم يغذي البلدين والمنطقة و العالم متآمرا مع الغرب والأعراب الذي فرض حصارا جائرا على سورية ودول المنطقة  حتى جاءت لحظات التحرير بفضل سواعد أبطال الجيش العربي السوري ودحر الغزاة و الإرهاب و الإرهابيين .
 
أهمية هذا المعبر
 
       تكمن أهمية هذا المعبر كونه يعتبر معبرا استراتيجيا و شريانا هاما على  كل المستويات فهو  نقطة هامة ومحورية للعديد من العلاقات الحيوية على مختلف الصعد، وهو الشريان الحيوي لدول المنطقة المحلية و الإقليمية و العالمية   وإن أهمية هذا المعبر تعود لقرون عدة وكان منفذا هاما لعدة علاقات متداخلة في المنطقة ليس من السهل تجاوزها  مهما حاول الغزاة و المتآمرون فرض وقائع جديدة تخالف المنطق و التاريخ و الجغرافيا ، إذ أن هذه التشابكات التاريخية هي الأصل وهي التي تبقى للشعوب رغم أنف المتآمرين والإرهابيين وأذناب الغرب.
 
إن أهم هذه التشابكات والتي أعطت لهذا المعبر قيمته التاريخية و العملية  يمكن إيرادها كما يلي:
 
أولا- التشابكات الجيو إقتصادية:
 
     من هذه النظرة يعتبر هذا المنفذ معبر هاما لتدفق السلع و البضائع و الأشخاص  و على أكثر من صعيد، وهنا نلاحظ نوعين من التجارات:
 
= التجارات البينية وهي تمثل التجارات البينية للدول المتجاورة مع القطر العربي السوري ، أي الصعيد المحلي
 
، فإن هذا المعبر يمثل فائدة كبيرة للتجارة البينية العربية، التي نص عليها بنود مجلس الوحدة الإقتصادية العربية و هذا متحقق بتنمية العلاقات التجارية السورية /الأردنية ومن هنا كان الإحتفال الكبير بإعادة فتح المعبر من رجال الأعمال الأردنيين و السوريين         ، ومن الجدير بالذكر هنا أن الأيام القليلة التي مرت على إعادة فتح المعبر ضخت أكثر من 100 مليون ليرة سورية ولاننس أن الأردن يشكل إمتدادا تاريخيا لسوريا من حيث الجغرافيا والإقتصاد و الأحوال الإجتماعية و البشرية والأوابد التاريخية ،
 
= التجارات العابرة – تجارة الترانزيت –
 
   وهنا نميز نوعين من التجارات العابرة،
 
العابرة إقليميا ، أي تنتهي في الإقليم
     فإن هذا المعبر يعتبرأساسيا لتدفق السلع من الأردن إلى لبنان ومن الأردن إلى تركيا وإلى العراق وكذلك في الإتجاه الآخر فإن انسياب السلع من سوريا إلى الأردن فالسعودية ، فدول الخليج ، وإن عائدات  هذه التجارات قد تكون أكبر بكثير من عوائد التجارات البينية  فالدول المستفيدة هنا هي كل دول المنشأ و بلدان المقصد  ومن كلا الإتجاهين أو الإتجاهات
 
العابرة نحو العالم ، أي أن بلدان المقصد تتعدى الإقليم إى دول العالم كأوربا والشرق الأوسط والشرق الأدنى فالأقصى، وهنا تعود الفائدة على بلدان العبور وبلدان المقصد النهائي التي تكون وفرت الوقت و التكاليف  وغرامات التأخير
ثانيا: التشابكات الجيو سياسية
 
    من المعروف أن الإنفراجات السياسية بين البلدان تؤثر إيجابا على الأوضاع الإقتصادية كما أن العلاقات الإقتصادية الجيدة  و السلسة تنعكس إيجابا على العلاقات السياسية ومن هنا أهمية هذا المعبر ولعبه دورا حيويا في التجارة العالمية فقد تفرض العلاقات الإقتصادية تكتلات سياسية  لحماية مصالحها الإقتصادية ومن هنا كان فتح المعبر من صالح الدول الأوربية لضمان تدفق سلعها عبر البر وعبر معبر نصيب إلى  دول الخليج و كذلك تركيا ولبنان و البلدان الأخرى ورغم إختلاف النظم السياسية في بعض الأحيان فأن جوهر العلاقات السياسية تحافظ على الحدود الدنيا من مبادئ  حسن الجوار 
 
ثالثا: التشابكات الجيو إجتماعية
 
    إن التشابكات الإجتماعية التي يخلقها معبر نصيب كثيرة جدا، سيما إذا عرفنا إن الهجرات العربية و الإسلامية من أراضي الحجاز إلى بلاد الشام كانت عبر هذه المنطقة منهم من استقر في الأردن ومنهم من تابع  شمالا إلى سورية ومن ثم فإن العائلة الواحدة و القبائل الواحدة و العشائر الواحدة تتموضع من أقصى شمال سورية إلى أقصى شبه الجزيرة العربية، وكما يلاحظ فأن معبر نصيب يمثل النقطة الوسطى المركزية للأنتقال شمالا و جنوبا وعدا أن التنقل و التواصل بين هذه القبائل و العشائر يمثل تواصلا إجتماعيا بالتأكيد فإن ذلك يعطى أيضا مداخيل كبيرة لبلدين سورية و الأردن  من جراء عائدات رسم المرور ورسوم التأشيرات كما أنه ساعد في تأسيس شركات النقل المختلفة وساهم في تشغيل أيد عاملة من جراء تقديم الخدمات الملازمة وكذلك تسهيل الصلات السياسية بين البلدين وتقوية الروابط الإجتماعية و الثقافية و التعليمية  بين البلدين ومن هنا كان سعي الجماعات الإرهابية لتقطيع أوصال هذا الشريان الحيوي.
 
رابعا: التشابكات الجيو سياحية:
 
   وتعتبر التشابكات السياحية التي يخلقها هذا المعبر من الأهمية بمكان ، ذلك أن التاريخ يثبت أن معظم الأوابد الموجودة في الأردن هي مكملة لما هو موجود في سوريا سواء منذ فترات الحكم العربي أو الأسلامي أو ما قبلهما وذلك يعود بالطبع إلى الجغرافيا الموحدة التي قطع الغرب أوصالها عن عمد وحاول الأرهابيون استكمال تدميرها للقضاء على أية صلات بين البلدين وبقية بلدان العالم، فالعثمانيون ومن قبلهم المماليك ومن قبلهم الصليبيون ومن قبلهم وقبلهم وقبلهم ... كانت لهم نفس الآثار ونفس الأوابد التاريخية ونفس السياحات الدينية  وبالتالي فإن السياحات الغربية  إلى سورية كانت تتابع سيرها إلى الاردن  ولما بعدها عبر هذا المعبر ومن هنا يكتسب  هذا المعبر أهميته  وما يستتبع ذلك من تنشيط الزراعة و الصناعة و التجارة  و زيادة الناتج القومي لكلا البلدين بإلاضافة إلى جذب القطع الأجنبي
 
إن معبر نصيب يشكل ليس نقطة التقاء فقط بين حضارات و أمم وشعوب  بل هو شريان لكل هذه الدول المعنية وبخاصة المتجاورة  مثل الأردن و سورية إذ أن الأردن هو إمتداد لسورية جغرافيا و ديموغرافيا وإقتصاديا وآثارا و أوابد مما يعني تكاملا إقتصاديا بكل معنى الكلمة.